تحدي المعلومات في ليبيا – كيف تنتشر الأخبار الكاذبة و ما أثرها على حياتنا اليومية


بي بي سي ميديا أكشن، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أجرت دراسة لفهم كيفية تفاعل الليبيين مع المعلومات عبر الإنترنت – وكيف تؤثر المعلومات المضللة على حياتهم اليومية.

تهديد متزايد في العصر الرقمي

لطالما كانت المعلومات الكاذبة والمضللة جزءًا من الخطاب العام. لكن مع زيادة الوصول إلى المنصات الرقمية وتغير عادات استهلاك الإعلام، بات انتشار المعلومات المضللة يحدث بسرعة ونطاق غير مسبوقين.

اليوم، لا يكتفي الكثير من الناس باستهلاك المعلومات فحسب، بل يشاركونها أيضًا – وغالبًا كجزء من تكوين هويتهم والمشاركة في الحياة العامة. وفي السياقات الهشة أو المنقسمة، يمكن لهذا الديناميكية أن تلحق ضررًا حقيقيًا.

في عام 2022، سلّطت الجمعية العامة للأمم المتحدة الضوء على “النطاق والسرعة والتأثير المتزايد المقلق” للمعلومات المضللة. ومؤخرًا، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة من أن “انتشار الكراهية والأكاذيب على الإنترنت يسبب ضررًا بالغًا لعالمنا”.

ليبيا: بيئة معلوماتية هشة ومنقسمة

في ليبيا، أدّى انهيار السلطة المركزية عام 2011 إلى فراغ إعلامي. وسرعان ما ملأت منصات التواصل الاجتماعي – ولا سيما فيسبوك – هذا الفراغ، لتصبح المصدر الرئيسي للأخبار للملايين.

مع أكثر من أربعة ملايين مستخدم، يُعد فيسبوك اليوم المنصة الإعلامية الأكثر تأثيرًا في ليبيا. لكنه أصبح أيضًا ساحة يسعى فيها السياسيون والمجموعات المسلحة والجهات الخارجية إلى تشكيل الروايات، وتشويه سمعة الخصوم، وبثّ البلبلة.

النتيجة: بيئة معلوماتية تتّسم بالانقسام العميق وتزايد انعدام الثقة. الصحافة المستقلة لا تزال محدودة، والتهديدات ضد العاملين في الإعلام شائعة. ويجد الناس أنفسهم في كثير من الأحيان دون الأدوات – أو المصادر الموثوقة – لفهم المشهد المعقد للأخبار والمعلومات.

ما تقوله الأبحاث

بين نوفمبر 2023 ويناير 2024، أجرت بي بي سي ميديا أكشن بحثًا لفهم كيفية وصول الليبيين إلى المعلومات، وتبادلها، وتقييمها – والعوامل التي تجعلهم أكثر أو أقل عرضة للمعلومات المضللة والكاذبة.

وشمل البحث:

  • مراجعة للاتجاهات طويلة الأجل في المعلومات المضللة (2014–2023)

  • مجموعات نقاش تضم 46 مشاركًا

  • مسح وطني شمل 657 شخصًا من مختلف أنحاء ليبيا

النتائج الرئيسية

1. تحوّل كبير نحو المنصات الرقمية

  • 97% من الليبيين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار

  • 85% يستخدمون مواقع الأخبار الإلكترونية؛ و83% تطبيقات المراسلة

  • التلفزيون لا يزال مستخدمًا على نطاق واسع (82%)، خصوصًا بين كبار السن

  • الشباب (18–34 سنة) يعتمدون أكثر على المنصات الرقمية، بينما كبار السن يخلطون بين المصادر التقليدية والرقمية

2. الثقة العامة في وسائل الإعلام محدودة

  • فقط 9% يثقون كليًا في الأخبار

  • نحو نصف المشاركين قالوا إنهم يثقون بها بشكل “متوسط”، و19% لا يثقون بها أبدًا

  • الشباب يثقون أكثر في المصادر الرقمية مقارنة بكبار السن

  • النساء يثقن بالتلفزيون أكثر، بينما أبدى الرجال تشككًا أكبر

  • الجميع يقدّر الأخبار التي تتماشى مع معتقداتهم، لكن الكبار في السن أعطوا أولوية أكبر لمعايير الصحافة مثل الدقة والحياد

3. المعلومات المضللة منتشرة – ويُعترف بها

  • 95% من مستخدمي التواصل الاجتماعي رأوا محتوى كاذبًا أو مضللًا

  • أبرز المواضيع: السياسة (52%)، الاقتصاد (28%)، الأمن (21%)

  • الرجال الأكبر سنًا أكثر تفاعلًا مع نظريات المؤامرة والمحتوى المزيّف

  • الشباب قالوا إنهم أقل تعرّضًا لذلك، وأكثر ميلاً لتجنب التفاعل مع المحتوى الكاذب

  • مع ذلك، 38% من المشاركين اعترفوا بأنهم سبق أن شاركوا معلومات تبيّن لاحقًا أنها كاذبة

4. الناس يحاولون التحقق – لكنهم بحاجة للدعم

  • 76% يقولون إنهم يفكرون في صحة المعلومات قبل تصديقها

  • 53% امتنعوا عن مشاركة محتوى اعتقدوا أنه كاذب

  • أبرز طرق التحقق:

    • البحث في مصادر متعددة (32%)

    • سؤال الأصدقاء أو العائلة (32%)

    • الرجوع إلى مصدر موثوق معين (23%)

  • 24% أعطوا الأولوية للسرعة على حساب الدقة عند المشاركة

  • رغم ثقتهم في قدرتهم على اكتشاف المحتوى الزائف، إلا أن كثيرين لا يثقون بقدرة الآخرين على ذلك

ما الذي يمكن فعله؟

تشير النتائج إلى الحاجة إلى استراتيجيات طويلة الأمد تتجاوز مجرد التحقق من الحقائق. بناء مناعة ضد المعلومات المضللة يتطلب:

  • تعزيز الثقة العامة

  • تحسين الوصول إلى المعلومات الموثوقة

  • تزويد الناس بالمهارات اللازمة لفهم الفضاء الرقمي

التوصيات

للمموّلين والمنظمات الدولية:

  • الاستثمار في رصد طويل المدى لتطور المعلومات المضللة

  • دعم الصحافة المستقلة ذات المصلحة العامة في ليبيا

  • تمويل برامج التثقيف الإعلامي لبناء مهارات التفكير النقدي

لوسائل الإعلام:

  • الشفافية بشأن المعايير التحريرية لتعزيز الثقة

  • دمج محتوى التوعية الرقمية في البرامج الإخبارية

  • التعاون مع منصات التكنولوجيا لرصد التلاعب بالمحتوى

للمجتمع المدني والجهات المحلية:

  • تقديم برامج توعية إعلامية على مستوى المجتمع المحلي

  • دعم منظمات التحقق من المعلومات المحلية

  • إشراك الشباب والطلاب من خلال ورش عمل عملية وتعليم يقوده الأقران

لماذا هذا مهم؟

في سياق مجزأ وهش مثل ليبيا، تلعب المعلومات دورًا محوريًا. فهي تؤثر على كيفية اتخاذ الناس للقرارات، وتفاعلهم مع بعضهم البعض، ورؤيتهم لمستقبلهم.

من خلال بناء أنظمة معلوماتية أقوى وجماهير أكثر وعيًا ومناعة، يهدف هذا العمل إلى دعم التماسك الاجتماعي، والمشاركة الديمقراطية، وبناء السلام.


استكشف النتائج الكاملة عبر لوحة الأبحاث التفاعلية.

Share it now !