في عالم اليوم الرقمي السريع، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. لكن مع هذا الانتشار، ظهرت تحديات متزايدة: أبرزها انتشار المعلومات الكاذبة والمضللة. كيف يبدو ذلك بالتحديد بالنسبة للمستخدمين الليبيين؟ هذا ما سعى مشروع “الكل” التابع لـ BBC Media Action إلى فهمه من خلال هذا البحث المتعمق.
لماذا هذا البحث مهم؟
هدف المشروع إلى فهم كيفية تفاعل الليبيين مع المحتوى الذي يشاهدونه على الإنترنت، ما الذي يدفعهم إلى الوثوق به أو مشاركته، وما إذا كانوا قادرين على تمييز المحتوى الزائف، ولماذا يكون بعض الأشخاص أكثر عرضة للمعلومات المضللة من غيرهم.
المعلومات المضللة في عالم سريع التغير
رغم أن الشائعات والمعلومات الزائفة موجودة منذ قرون، فإن التكنولوجيا الرقمية والوصول الواسع إلى الإعلام سرّعا من وتيرة انتشارها بشكل لم يسبق له مثيل. اليوم، تعيش البيئات الإعلامية حالة من “اضطراب المعلومات” (Information Disorder).
ليبيا في السياق
بدأ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في ليبيا بالانفجار عام 2011 خلال سقوط نظام القذافي وبداية الحرب الأهلية الأولى. ومنذ ذلك الحين، استمر عدد المستخدمين في الازدياد – واليوم يستخدم أكثر من ثلثي السكان فيسبوك.
وقد استغلت الشخصيات السياسية، والجماعات المسلحة، والجهات الدولية هذه المنصات للدفع برواياتهم، وتشويه خصومهم، والتلاعب بالرأي العام – وغالبًا عبر حملات معلومات مضللة.
أزمة الثقة في زمن الجائحة
مثل العديد من الدول، واجهت ليبيا سيلًا من المعلومات المضللة خلال جائحة كوفيد-19 – حول الأعراض، والوقاية، واللقاحات، وأصول الفيروس. ومع كل هذا “الضجيج”، أصبح من الصعب على الناس معرفة من يصدقون، وما يثقون به. وقد وصفت منظمة الصحة العالمية ذلك بأنه “جائحة معلومات” (Infodemic).
أبرز نتائج الدراسة
المعلومات الكاذبة منتشرة بشكل واسع
-
96% من المشاركين قالوا إنهم صادفوا محتوى كاذبًا أو مضللًا على الإنترنت.
-
59% يعتقدون أنهم يرون مثل هذا المحتوى مرة واحدة على الأقل في الأسبوع.
القلق مرتفع – لكن الثقة بالنفس كذلك
-
80% أعربوا عن قلقهم من كمية المعلومات الكاذبة على مواقع التواصل.
-
89% يعتقدون أن لذلك تأثيرًا سلبيًا على المجتمع الليبي.
-
ومع ذلك، 78% قالوا إنهم واثقون – إلى حد ما – من قدرتهم على تمييز المعلومات المضللة.
-
38% اعترفوا بأنهم سبق وشاركوا محتوى كاذب دون علم.
“أحيانًا تقرأ منشورًا في البداية ولا تفكر فيه كثيرًا، ثم تدرك لاحقًا أنك شاركت شيئًا غير جيد.”
— امرأة، 27 عامًا، طرابلس
ما الذي يدفع الناس للمشاركة؟
-
معظم الناس قالوا إنهم يشاركون المحتوى بدافع المساعدة أو التواصل الاجتماعي – وليس للتفاخر أو الترويج لأنفسهم.
-
73% قالوا إنهم يقدّرون المعلومات الدقيقة والموثوقة.
-
لكن فقط 62% شعروا بأن لديهم وصولًا حقيقيًا إلى هذه المعلومات.
-
كثيرون أعربوا عن حذرهم تجاه الثقة في الأخبار المنشورة على الإنترنت بشكل عام.
الثقة تمر عبر العلاقات الشخصية
-
يميل الناس إلى الوثوق بالمحتوى الذي يشاركه الأصدقاء أو أفراد العائلة – لأنهم يعتقدون أنهم لا ينشرون الأكاذيب.
-
من المعتقدات الشائعة: “إذا تمت مشاركته على نطاق واسع، فلا بد أنه صحيح.”
منهجية البحث
أُجري البحث في شهري مارس وأبريل 2021، وتضمّن:
-
مراجعة للمواد الموجودة مسبقًا
-
36 مقابلة معمقة
-
استطلاع وطني عبر الهاتف شمل 1,483 مشاركًا تبلغ أعمارهم 18 عامًا فما فوق
-
دراسات حالة حول كيفية استجابة المستخدمين لمعلومات كاذبة مرتبطة بكوفيد-19
ماذا يعني ذلك للمستقبل؟
إليك بعض التوصيات التي يسلط عليها البحث الضوء:
الإعلام الموثوق له دور مهم
مع اقتراب الانتخابات الوطنية في ليبيا واستمرار حملة التلقيح ضد كوفيد-19، يمكن لمشروع “الكل” أن يساهم في تقديم معلومات موثوقة ومستقلة.
الإشارة الواضحة مهمة
توجيه المستخدمين إلى مصادر موثوقة حول الصحة والسياسة ومواضيع حساسة أخرى يمكن أن يخفف من حالة الغموض.
التثقيف الإعلامي ضروري
يحتاج مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي إلى المزيد من الدعم لفهم ثغراتهم الشخصية، وزيادة ثقتهم في قدرتهم على اكتشاف المحتوى المضلل.
استثمار النوايا الحسنة
بما أن العديد من الأشخاص يشاركون المحتوى بنية المساعدة، يمكن أن تبني حملات التوعية على هذا الأمر عبر التأكيد على أهمية مشاركة ما هو مؤكد وموثوق فقط.